فى: الأحد - مارس 01, 2020 Print
إيمان عطية -
توقع الخبير الاقتصادي العالمي نورييل روبيني، الذي اشتُهر بتكهناته الجريئة، أن يتسبب فيروس كورونا في كارثة اقتصادية عالمية، وأن أسواق الأسهم العالمية ستنخفض بنسبة %30 – %40 خلال العام الحالي 2020، كما يرى أنه لن تتم إعادة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وكان روبيني تنبأ بانفجار فقاعة الإسكان في الولايات المتحدة الأميركية والأزمة المالية لعام 2008 إضافة إلى تداعيات تدابير التقشف لليونان المثقلة بالديون. قال روبيني في حوار أجرته معه الصحيفة الألمانية دير شبيغل حول الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا: إن هذه الأزمة أشد وطأة على الصين وبقية العالم مما توقعه المستثمرون لأربعة أسباب:أولاً: إن الفيروس ليس وباء مقصوراً على الصين، بل العالم. ثانياً: الأمر أبعد ما يكون عن النهاية، وستكون لهذه الأزمة عواقب وخيمة، والسياسيون لا يدركون ذلك. ثالثاً: يعتقد الجميع بأن الركود الاقتصادي الناجم عن هذه الأزمة سيكون ركوداً على شكل حرف V، أي أن يعاني الاقتصاد من التراجع الاقتصادي الحاد لكن بفترة قصيرة، يليه انتعاش قوي، لكن الناس لا يعرفون ما الذي يتحدثون عنه، فهم واهمون ويفضلون الإيمان بالمعجزات، إنه أمر بسيط: إذا كان الاقتصاد الصيني سينكمش بنسبة %2 في الربع الأول، فسيتطلب ذلك نمواً بنسبة %8 في الأرباع الثلاثة الأخيرة للوصول إلى معدل النمو السنوي البالغ %6 الذي توقعه الجميع قبل اندلاع الفيروس. أما إذا كان النمو %6 فقط من الربع الثاني وما بعده، وهو سيناريو أكثر واقعية، فسنرى أن الاقتصاد الصيني سينمو بنسبة %2.5 إلى %4 فقط للعام بأكمله، وهذا المعدل يعني في الأساس ركوداً للصين وصدمة للعالم. رابعاً: كما يقول روبيني - يعتقد الجميع أن صانعي السياسات سيتفاعلون بسرعة، ولكن هذا خطأ أيضاً، فالأسواق تعيش في وهم تام، فعند النظر إلي السياسة المالية، فإنه لا يمكن اتخاذ إجراءات مالية إلا في بعض البلدان مثل ألمانيا، لأن دولاً أخرى مثل إيطاليا لا تملك أي فسحة، لكن حتى لو قامت بشيء ما، فإن العملية السياسية تتطلب الكثير من الحديث والتفاوض، وسيستغرق الأمر من ستة إلى تسعة أشهر، وهو وقت طويل جداً. الحقيقة هي أن أوروبا كانت ستحتاج إلى حوافز مالية حتى من دون أزمة فيروس كورونا، إذ إن إيطاليا كانت أصلاً على وشك الوقوع في ركود اقتصادي، وكذلك ألمانيا، لكن السياسيين الألمان لا يفكرون حتى في اتخاذ إجراءات تحفيزية على الرغم من انكشافها بقوة علي الصين، الرد السياسي حتى الآن مزحة، والسياسيون غالباً ما يكونون متأخرين في رد فعلهم. وأضاف: هذه الأزمة سوف تمتد وتنتشر وستتسبب في كارثة. وأضاف: إن أوروبا تخشى إغلاق حدودها، وهذا خطأ كبير، ففي عام 2016، وفي استجابة لأزمة اللاجئين، تم تعليق شنغن فعلياً، لكون هذه الأزمة هي الأسوأ، ما يستوجب إغلاق الحدود الإيطالية في أسرع وقت ممكن، فهناك أكثر من مليون لاجئ يأتون إلى أوروبا.دور السياسة النقدية وعند سؤاله عن الدور الذي يجب أن تلعبه البنوك المركزية، أجاب روبيني: البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان في منطقة سلبية بالطبع، إذ يمكنهما خفض أسعار الفائدة على الودائع لتحفيز الاقتراض، لكن ذلك لن يساعد الأسواق لأكثر من أسبوع فقط، لأن الأزمة هي صدمة تتعلّق بالامدادات ولا يمكن محاربتها بالسياسة النقدية أو المالية. وأشار الى أن الحل يجب أن يكون طبياً، فالتدابير المالية والنقدية لا تساعد عندما لا يكون الغذاء والمياه سليمين وآمنين، وإذا أدت الصدمة إلى ركود عالمي، فسيواجه العالم أزمة مالية، لأن مستويات الديون مرتفعة وسوق الإسكان في الولايات المتحدة يشهد فقاعة كما كان الحال في عام 2007، لم تشكّل هذه الفقاعة قنبلة موقوتة حتى الآن، لأن الولايات المتحدة الأميركية كانت تعيش نمواً اقتصادياً، لكن ذلك انتهى الآن. وحول ما إذا كانت هذه الأزمة ستغير الطريقة التي ينظر فيها الصينيون إلي حكومتهم، قال روبيني: «أخبرني رجال أعمال أن الأمور في الصين أسوأ بكثير مما تنقله الحكومة رسمياً. وتم حبس صديق لي في شنغهاي في منزله منذ أسابيع، ولا أتوقع ثورة، لكن الحكومة ستحتاج إلى كبش فداء». وأضاف: «لطالما كانت هناك نظريات مؤامرة تدور حول التدخل الأجنبي بشأن انفلونزا الخنازير وانفلونزا الطيور وانتفاضة هونغ كونغ، أعتقد أن الصين ستبدأ افتعال مشاكل في تايوان أوهونغ كونغ أو حتى فيتنام، وستقوم بقمع المتظاهرين في هونغ كونغ أو إرسال مقاتلين عبر المجال الجوي التايواني لاستفزاز الجيش الأميركي». وتابع: لن يتطلب الأمر سوى حادث واحد في مضيق فورموزا وسنري عملاً عسكرياً، كما لن تكون حرباً ساخنة بين الصين والولايات المتحدة، غير أنها شكل من أشكال العمل العسكري، وهذا ما يريده المسؤولون في الحكومة الأميركية مثل وزير الخارجية مايك بومبيو أو نائب الرئيس مايك بينس، إنها عقلية الكثير من المسؤولين في العاصمة واشنطن. فوائد الأزمة وأوضح روبيني أن الأزمة الراهنة تشكّل نكسة للعولمة، وسيحاول بعض السياسيين أمثال دونالد ترامب، الذين يريدون لشركاتهم التخلي عن الإنتاج في الخارج، جني فوائد من هذه الأزمة. لكن كل شيء سوف يتغير عندما يصل فيروس كورونا إلى الولايات المتحدة. وقال: أنا أعيش في مدينة نيويورك والناس هناك بالكاد يذهبون إلى المطاعم أو دور السينما أو المسارح، على الرغم من أنه لم يصب أحد بالفيروس حتى الآن.، فما بالكم لو وصل إلى الولايات المتحدة بأعداد كبيرة، حتماً سيكون الوضع سيئاً جداً، وسيؤدي حتماً الى خسارة ترامب للانتخابات. وعند سؤاله حول سبب يقينه من هذا التكهن الجريء أجاب «لأنه يوجد خطر كبير من اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وايران. تريد الحكومة الأميركية تغيير النظام، وسوف يضغطون عليهم بشدة. كما أن الإيرانيين يريدون تغيير النظام في الولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن التوترات ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط ونتيجة لذلك سيخسر الانتخابات. وعن أسباب تأكده الشديد من هذا الأمر قال: «التاريخ يؤكد دائماً هذه الحقيقة، فقد خسر فورد أمام كارتر بعد صدمة النفط عام 1973، وخسر كارتر أمام ريغان بسبب أزمة النفط الثانية في عام 1979، وخسر بوش أمام كلينتون بعد الغزو العراقي للكويت».
القبس
Last Updated 1 days ago
© جميع الحقوق محفوظة 2017 - 2024