فى: الأحد - نوفمبر 25, 2018 Print
يتحدث عبدالله النون عن بداياته التي يعتبرها مختلفة بعض الشيء عن أقرانه في ذلك الوقت، ويقول: «كان لي توجهات في الحياة مختلفة عن أقراني بعض الشيء، فمنذ أيام الدراسة كنت أحاول جاهداً أن أستقل بنفسي ولا أكون عالة على أحد، وكان هذا منذ أن كنت في الثانوية، فلم أكن معتمداً على أحد أبداً في القيام بأعمالي، أو بدراستي.
بعد حصولي على الثانوية العامة في دبي، توجهت إلى كلية التقنية العليا للمعلومات والتواصل (تقنية المعلومات)، وكان تخصصي (تقنية المعلومات) قسم إعلام، فدرست وكانت الدراسة بالنسبة إلي سهلة وغير معقدة، لكنها بحاجة إلى الوقت. وطبعاً لمن يدرس في مجال الصحافة والإعلام، فإن أكثر ما يساعده هو معلوماته ومطالعاته السابقة، إذ يتطلب هذا المجال ثقافة وافرة ومعلومات غنية، وكانت الحمد لله متوافرة لدي، وبدأت بدراسة الصحافة. طبعاً لم تكن الأدوات آنذاك متطورة كاليوم، وانتهيت من الدراسة، وبدأت أفكار العمل تراودني. في البداية، ترددت في دخول العمل كموظف، إذ كان طموحي أن أبدأ بمشروع خاص، وخلال التفكير في العمل، مر بي صديق وطلب مني مرافقته لتقديم أوراقه للدراسة في أستراليا من خلال بعثة عن طريق وزارة التعليم العالي، ثم قال لي لماذا لا تقدم أوراقك أنت أيضاً؟ فقلت له إنني خريج جديد ولن يوافقوا علي، لكنه قال لي ماذا ستخسر إذا قدمت أوراقك. وبالفعل قدمت مع صديقي أوراقنا للدراسة في أستراليا (التعليم العالي/أبوظبي)، لأفاجأ بعد فترة قصيرة باتصال من وزارة التعليم العالي، وأخبروني بأنني قُبِلت في البعثة، وأنه علي السفر بعد ثلاثة أسابيع. وقعت في حيرة وقتها، فلم أكن أتوقع ذلك، ولم أكن قد أخبرت أهلي بالأمر، لكني اتخذت قراري بقبول البعثة والسفر إلى أستراليا.
كانت دراستي في أسترالي في قسم الـIT، وبصراحة لم أحب هذا المجال. فبحثت عن مجال آخر يجمع بين الهندسة وحب الاعتماد على النفس، فوجدت مجال التصميم، ودخلت هذا المجال وأحببت فيه قسم التصميم الداخلي، فوجدت أنني أعتمد على نفسي. إضافة إلى ذلك يوجد فيه مجال تكنولوجي والرسوم على برامج التصميم مثل الأوتوكاد وغيرها. فأبدعت ولله الحمد وتميزت في هذا المجال، حتى أنهم كانوا يختارونني أن أكون ممثلاً عن الجامعة في المشاريع التي نقوم بالعمل عليها.
أنهيت دراستي في أستراليا وعدت إلى الإمارات، وكان ذلك في العام 2006م، ودخلت الحياة العملية. بدايتي كانت في قطاع المصارف، إذ عملت لدى بنك «ستاندرد تشارترد» (في المبيعات والعلاقات العامة، والإدارة)، وبالتالي زادت خبرتي في هذه المجالات، وتعاملت مع كبار عملاء المصارف والتجار في الإمارات، فأحببت العمل في المصارف ونجحت به.
وبعد فترة، أحببت أن أنتقل إلى تحد جديد وولوج مجال عمل آخر، له علاقة بأحب الهوايات على قلبي، وهي البحر، وعالم البحار بكل ما يحتويه. فتقدمت للعمل في مرسى دبي للجولف، وأعتقد أن أهم أسباب النجاح الذي وصلت إليه هو محبتي للبحر، وبالفعل بدأت العمل في المرسى، لكن ما زال البحث عن عملي الخاص يشغلني في ذلك الوقت، والكثير من الأسئلة تراودني كل يوم، كيف سأبدأ مشروعي الخاص، ومتى سأبدأ به؟ فاكتشفت – وكان عمري وقتها 25 عاماً- وكأنني وضعت نفسي في مكان عمل جديد ولن أنجح فيه، فاعتبرت ذلك تحدياً، إذ بدأت معهم في قسم منسق علاقات العملاء، وكنا بعد الانتهاء من الدوام نخرج معاً ونمرح ونستمتع بوقتنا، وكنت في خلال ذلك أتصرف على سجيتي وطبيعتي وبشكل عفوي. وكان هذا العمل يحتاج إلى شخص بهذه المواصفات، فانتبه إلي مديري وقام بترقيتي وجعلني مساعداً له، وذلك في خلال سنتين على تواجدي في العمل فحسب. وطبعاً كان الجو مناسباً بالنسبة إلي، وعندما أصبحت مساعداً للمدير اختلفت الأمور قليلاً حيث أدخلت بعض الأشياء التي تعلمتها خلال عملي في المصرف، وقدمت استراتيجيات ومخططات كنت أعرضها على كبار المدراء في الإدارات العليا، وكان مدير النادي في ذلك الوقت مصطفى الهاشمي، فأخبرني بأنني مناسب لمنصب مدير عمليات المرسى. وكان عمري 28 سنة، ولله الحمد فقد تمكنت من مجال العمل في المرسى، وكان عندنا عملاء من أماكن عدة وجميعهم من ذوي الشخصيات الهامة وكبار ملاك اليخوت من المنطقة، الذين يرسون يخوتهم لدينا في النادي، فكنت أقوم بتلبية رغباتهم والتعامل معهم بمنتهى الاحتراف، حتى نشأت علاقات طيبة وعلاقات صداقة بيننا، ما أثر على الأعمال بالإيجاب، إذ كانت عمليات المرسى تحققاً نمواً بحوالى 40 في المئة سنوياً، وهذا كله فقط من المتابعة والاهتمام بمن يأتون إلينا حيث كنا نشعرهم بالراحة.
وعلى الرغم من هذه النجاحات، ما زال مشروعي الخاص يراودني، وكنت أتحدث عن ذلك أمام زملائي في العمل، فوصلت هذه المعلومة إلى مديري المباشر، مصطفى الهاشمي، فاستدعاني ليستفسر مني، وكنت وقتها قد عقدت العزم على ترك العمل والبدء بمشروعي الخاص، خصوصاً أنني أتممت عشر سنوات في المرسى وشعرت بأن الوقت قد حان للمغادرة. لكن الهاشمي رفض هذه الفكرة وأقنعني بأن العمل في النادي أفضل بكثير خصوصاً بعد النجاحات التي حققتها، وقام بترقيتي لأتولى منصب مدير إدارة نادي خور دبي للجولف واليخوت، وكان ذلك في العام 2016م، ومازلت مستمراً حتى اليوم».
أما عن النصائح التي يقدمها إلى الشباب المقبلين على العمل فيقول عبدالله: «في البداية، أود أن أقول إن الشباب الإماراتي مع الأسف لم يأخذ حظه الوافر من فرص العمل، فالمواطن يرى نفسه أنه بحاجة إلى الدعم، وصحيح أننا بإنجازاتنا دولة كبيرة، لكننا لا نزال دولة حديثة، فيجب أن نرسم للشاب الإماراتي خطاً يسير عليه وأن نحفزه ليتولى المناصب العالية وليتعلم مما يحيط به وأن نمنحه الوقت لينجز، وإذا أخطأ نعلمه ونصحح له، فمن هنا نرى التغيير.
من خلال تجربتي المتواضعة في الحياة وجدت أن من يعمل بعفوية سينجح حتماً، لأنه لا يتصنع ولا يبرز أشياء غير موجودة لديه، لذلك حتماً سيكون النجاح حليفه، أما المتصنع فلا بد من أن يُكشف قناعه في النهاية».
عبدالله أب لطفلة جميلة اسمها هيا، تبلغ من العمر خمس سنوات، ويحرص على قضاء معظم أوقات فراغه معها. لديه الكثير من الهوايات يتعلق معظمها بالبحر، كالغوص والسباحة والصيد، لكنه يحب أيضاً ركوب الدراجات النارية ورياضة الجولف، إلا أنه يمارس هواية غريبة بعض الشيء، وهي النجارة، وعنها يقول: «يوجد لدي مجموعة كاملة لأعمال النجارة في المنزل، أحب هذه الهواية، فأنا لا أعلم أن هناك نجاراً حزيناً، النجار يشعر بالسعادة دائماً، ونصيحتي لمن لديه مشاكل بالأعصاب، ويحتاج علاجاً ضرورياً وسريعاً أن يقوم بالنجارة لأنه سيستفيد كثيراً».
أما عن الشخصية التي يتخذها مثلاً أعلى وقدوة له، فيقول إنه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وإذا سألتني لماذا؟ فأقول: ليس فقط لما قدّمه إلى دولة الإمارات وإمارة دبي؛ بل لطريقة تعامله مع الناس ولإنسانيته الرائعة، وكذلك تحفيزه لمن لديه مشروع أو تجارة ولديه شريك أو منافس، فيشجعه على المنافسة الشريفة.
وكذلك عندي مديري مصطفى الهاشمي كأخ كبير لي، إنه إنسان طيب جدّاً ومعطاء، لا يبخل على أحد بالنصيحة وبذل ما بوسعه لمساعد الآخرين».
ليس لدى عبدالله حكمة ثابتة يتخذها، بل ثمة حكمة جديدة لكل يوم، فالبشر بنظره مجرد تلاميذ في الحياة يتعلمون منها كل يوم شيئاً جديداً، وأكثر ما يسعى إليه ويطمح إلى تحقيقه هو أن يكون الجميع مرتاحين في التعامل معه وأن يترك أثراً طيباً وذكراً حسناً بين الناس.
Last Updated 1 days ago
© جميع الحقوق محفوظة 2017 - 2024