فى:
Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/alfujairahdaily/public_html/index.php:55) in /home/alfujairahdaily/public_html/newspage.php on line 19
الإثنين - فبراير 19, 2024 Print
يمثل إصلاح نظم الغذاء العالمية، ضرورة في مواجهة التغيرات المناخية المتفاقمة، حيث تبدأ من خلال التعاون المجتمعي والعمل سويةً بدءاً من المنتج وانتهاء بالمستهلك النهائي حيث يمكن اتخاذ خيارات غذائية صحية أفضل تزيد من الطلب على المنتجات المصنعة من مصادر المستدامة.
ويعتبر تعزيز أنظمة الزراعة التي تستخدم الأساليب المراعية لتغير المناخ وتنتج مزيجاً متنوعاً من المواد الغذائية لتحسين قدرة أنظمة الغذاء على الصمود، وزيادة الدخل المادي للمزارعين وتوفُّر المزيد من المواد الغذائية الغنية بالمغذيات وميسورة التكلفة.
وتقدر القيمة السوقية لأنظمة الغذاء العالمية بنحو 10 تريليونات دولار سنوياً، ومع هذا فإنها تكبد ما بين 6 تريليونات إلى 12 تريليون دولار سنوياً في شكل تكاليف اجتماعية واقتصادية وبيئية خفية.
ووفقاً لتحليل البنك الدولي للدعم الحكومي في 79 بلداً، تنفق الحكومات نحو 570 مليار دولار سنوياً في دعم إنتاج الغذاء، وبشكل أساسي في هيئة دعم للأسعار والمستلزمات، والدفع المباشر للمنتجين.
ورغم أن بعض هذه الأموال توجه للبحوث والتطوير وسلامة الغذاء والبرامج البيئية، فإنها تظل قدراً ضئيلاً، وثمة مجال لمزيد من التدقيق في توجيه الإنفاق العام من أجل تحقيق الأهداف الإنمائية.
ومن أجل إطعام سكان العالم المتزايدين، وتوفير الأساس للنمو الاقتصادي والحد من الفقر، يجب أن تشهد الزراعة تحولاً كبيراً، وستصبح هذه المهمة أكثر صعوبةً بفعل تغيُّر المناخ.
وتركت الظواهر المناخية الأشدّ قسوة وازدياد عدم القدرة على التنبؤ بأنماط الطقس أثراً على الزراعة والأمن الغذائي، مما أدّى إلى انخفاض الإنتاج وتراجُع الدخول في المناطق المعرَّضة للضرر.
انخفاض الإنتاج
اعتبر أستاذ الموارد المائية وخبير المياه الدولي، الدكتور أسامة سلام، أن التقديرات تشير إلى أن تغير المناخ قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية العالمية بنسبة 2% - 10% بحلول 2050، وقد تكلف الأضرار التي لحقت بالزراعة بسبب تغير المناخ 20 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2050.
وتوقع سلام في تصريح لـ «الاتحاد»، أن يزداد نقص المياه في العديد من المناطق، مما يؤثر على الزراعة وإنتاج الغذاء، بخلاف تغير أنماط الطقس من موجات الجفاف والفيضانات والأعاصير التي تؤدي إلى تلف المحاصيل وتعطيل سلاسل التوريد الغذائية، لافتاً إلى أن درجات الحرارة المرتفعة تؤدي أيضاً إلى انتشار الآفات والأمراض التي تؤثر على المحاصيل والثروة الحيوانية.
وحول المناطق الأكثر تأثراً بتغير المناخ، أوضح سلام، أن المناطق الجافة وشبه الجافة وهي أكثر عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ، مثل الجفاف ونقص المياه، وكذلك المناطق الساحلية التي تواجه خطراً متزايداً من الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يؤثر على الزراعة وصيد الأسماك، بالإضافة إلى المناطق الجبلية والتي شهدت ذوبان الأنهار الجليدية وتغير أنماط هطول الأمطار، مما يؤثر على الزراعة وإمدادات المياه.
تهديدات البشر
وبحسب سلام فإن نقص الغذاء يؤدي إلى تفاقم الجوع وسوء التغذية، خاصة بين الفئات الضعيفة مثل الأطفال والنساء، مشيراً إلى أن ندرة المياه والغذاء يؤدي إلى تفشي الأمراض المعدية، وأن هذه الأزمات قد تؤدي لنزوح السكان والصراعات على الموارد.
عوامل مواجهة
وحدد أستاذ الموارد المائية عدة عوامل لمواجهة تداعيات تغير المناخ على الأمن الغذائي، أولها الاستثمار في تقنيات الزراعة المقاومة للمناخ، وتحسين إدارة الموارد المائية، وبناء أنظمة غذائية أكثر مرونة، بالإضافة إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من خلال الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة وتحسين كفاءة الطاقة، وأخيراً العمل الجماعي لتطوير حلول عالمية لمواجهة تحديات تغير المناخ والأمن الغذائي.
تأثيرات مباشرة
وبحسب نائب مدير مكتب تغير المناخ والتنوع البيولوجي والبيئة في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» زيتوني ولد دادا، فإن لتغير المناخ تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على نظم الأغذية الزراعية بسبب تغير أنماط هطول الأمطار ودرجات الحرارة التي لا يمكن التنبؤ بها، وارتفاع معدل حدوث الظواهر الجوية المتطرفة والكوارث مثل الجفاف والفيضانات وتفشي الآفات والأمراض وتحمض المحيطات، لافتاً إلى أن تغير المناخ يؤدي إلى زيادة تواتر وشدة ومدة الظواهر الجوية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات والعواصف الرملية التي تؤثر على إنتاج الغذاء والأمن الغذائي وسبل العيش الريفية.
وأوضح زيتوني ولد دادا في تصريح لـ «الاتحاد»، أن النتائج الأخيرة لحالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، أن 735 مليون شخص واجهوا نقص التغذية في عام 2022، وهو ما يزيد على 122 مليون شخص عن عام 2019، والدوافع الرئيسية هي وباء كورونا وتغير المناخ والصراعات بما في ذلك الأزمة في أوكرانيا.
وذكرت «الفاو» أن معالجة أزمة الأمن الغذائي الناتج عن تغير المناخ تتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة عبر النظام الزراعي والغذائي، بما في ذلك سلاسل التوريد الزراعية، واعتماد نهج الزراعة الذكية مناخياً وممارسات إدارة موارد الأراضي والمياه وممارسات تكيّف ضرورية للزراعة وسبل العيش في المنطقة، بالإضافة إلى تدابير التخفيف.
خسائر كبيرة
خسائر غير مسبوقة تكبدها الفلاح المصري راقي بسيس، في زراعته لمحصول القمح نتيجة تذبذب درجات الحرارة والتقلبات الجوية التي أثرت على المحصول، وتسببت في انخفاضه بنسبة تزيد عن 50%، والذي يعد أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية بالنسبة للأمن الغذائي.
وأصيب محصول القمح الذي زرعه بسيس خلال عام 2023 بأمراض «الصدأ الأصفر والرقاد» نتيجة موجات الصقيع وارتفاع وانخفاض درجات الحرارة بطريقة غير متوقعة نتيجة تغير المناخ الذي زادت تأثيراته على القطاع الزراعي العالمي خلال السنوات الأخيرة وهدد ملايين المزارعين الذين يمثلون عاملاً أساسياً في إنتاج المحاصيل الزراعية التي تدعم الأمن الغذائي لتلك الدول.
ذات الخسائر التي يعيشها بسيس، يواجهها أيضاً ملايين المزارعين في دول عربية وأفريقية وغربية عديدة كتونس والمغرب واليمن والصومال والسودان وغيرهم، إذ تأثر إنتاج المحاصيل نتيجة عوامل مختلفة من تغير المناخ كارتفاع وانخفاض درجات الحرارة بشكل غير متوقع وموجات الجفاف والصقيع وعدم توافر المياه وارتفاع مناسيب مياه البحر وغيرها من العوامل الأخرى.
وتؤكد دراسات علمية أن الارتفاع والانخفاض في درجات الحرارة وانخفاض نسب توافر المياه وهطول الأمطار المتوقعة نتيجة التغيرات المناخية، تقلل من صافي الإنتاجية للمحاصيل الزراعية، وسوف تتسبب في زيادة الآفات وأمراض النبات مع تأثيرات مباشرة على تدمير المحصول نتيجة توافر الظروف المناسبة لـ«العقد والتزهير» وهي المراحل الأولى لتكوين المحصول.
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، في أن تغيُّرات المناخ تهدد القدرة على تحقيق الأمن الغذائي العالمي، والقضاء على الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة، موضحةً أن انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري تعد محركاً رئيسياً لهذه التغيرات.
وأوضحت أن للتغير المناخي آثاراً مباشرة وغير مباشرة على الإنتاجية الزراعية، تتضمن تغيُّر أنماط هطول الأمطار، والجفاف، والفيضانات، وإعادة التوزيع الجغرافي للآفات والأمراض، وإن الكميات الهائلة من «ثاني أكسيد الكربون» التي تمتصها المحيطات تتسبب في التحمُّض، مما يؤثر على صحة محيطاتنا وأولئك الذين تعتمد سبل عيشهم وتغذيتهم عليها.
ما تعرض له بسيس وغيره من المزارعين المصريين تعرض له أيضاً الفلاح التونسي بيرم حمادة، الذي يعمل كعضو مجلس نقابة المزارعين في تونس أيضاً، والذي أكد أن أزمة الجفاف وارتفاع الحرارة ونشوب الحرائق وندرة المياه تسببت في خفض المساحات المزروعة وتراجع المحاصيل، مما كبد المزارعين خسائر مالية كبيرة وخسائر في الإنتاج تتجاوز 50% في عدة زراعات بسبب شح المياه والتغيرات المناخية.
المصدر: الاتحاد
Last Updated 51 minutes ago
© جميع الحقوق محفوظة 2017 - 2024